أربح تجارة
![]() |
pixabay |
من يدعوك لأن تتاجر معه وهو الغني عن تجارتك بل هو الغني عنك أنت وعن كل الخلائق غيرك..!
بل والأعجب أنك حين تتاجر معه لا يعاملك بالمتعارف عليه من قوانين التجارة..!
تٌنفق في تجارتك معه ألفا واحدة، فإذا به -عز وجل- يكتب لك بها عنده ألوفا مضاعفة..
وكٌلما زدت انت، ضاعف هو لك في الزيادة أضعافا كثيرة لا يعلمها إلا هو -عز وجل-
أفلا تكون هذه أربح تجارة..!؟
ولذا فيجب على العاقل أن يعرف كيف يشرع في تلك التجارة الرابحة قبل انقضاء سوقها وفوات أوانها..
وفيما يلي من الآيات والأحاديث ما يؤكد ذلك ويوضحه.
فمما جاء في صحيح الترمذي:
عن عائشة رضي الله عنها : أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ما بقي منها؟» قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال: «بقي كلها غير كتفها».ـ
ذبح النبي صلى الله عليه وسلم شاة ثم تصدقوا بها إلا كتفها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بقيت الشاة عند الله تعالى ثوابًا وأجرًا نجده في الآخرة؛ لأنه تصدق بها، أما ما لم يتصدق به فليس باقيًا على الحقيقة.
ومما جاء في تفسير الآية الأخيرة من سورة المُزمل:
...وقوله تعالى : ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ) يعني : من الصدقات ، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره ، كما قال : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) [ البقرة : 245 ] .
وقوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) أي : جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو [ خير ] لكم حاصل ، وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الحارث بن سويد قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟ " . قالوا : يا رسول الله ، ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال : " اعلموا ما تقولون " . قالوا : ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله ؟ قال : " إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر " .
ورواه البخاري من حديث حفص بن غياث والنسائي من حديث أبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش به ...
فكيف بالمرء ومال وارثه أحب إليه..!؟
أليس "مال وارثه" هو ذلك المال الذي يموت المرء وهو لا يزال -ذلك المال- بين يديه لم يتصرف فيه؟ فهو إذا مال الورثة على الحقيقة باعتبار مآليه اليهم..
أما المال الذي قدمه المرء في حياته وأنفقه في تجارته مع الله -عز وجل- فهو على الحقيقة ما بقى له من ماله باعتبار مآليه الى ميزان حسناته يوم الحساب..
حيث يجده أضعافا مضاعفة من الحسنات يوم لا ينفع فيه من مال الدنيا إلا ما كان قد قدمه المرء في حياته متاجرا به مع الله -عز وجل- مستجيبا لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) [ الصف ] .
والله يهدي من يشاء ويوفق الى خير الأعمال وأربح التجارة..
Comments
Post a Comment